- كانَ مِنْ هديِهِ فعلُ التداوي في نَفْسِهِ, والأمْرُ به لِمَنْ أصابَهُ مرضٌ مِنْ أهلِه وأصحابِه.
2- وقال: «مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» [خ]، وقال: «يا عبادَ اللهِ تَدَاوَوْا» [د, ت, جه].
3- وكان علاجُه للمرض ثلاثةُ أنواع: أحدُها: بالأدويةِ الطبيعيةِ, والثاني: بالأدويةِ الإلهيةِ, والثالثُ: بالمركبِ من الأمرين.
4- ونَهَى عَن التَّدَاوِي بالخمرِ, ونَهَى عَن التَّدَاوِي بالخبيثِ.
5- وكان يعودُ مَنْ مَرِضَ مِنْ أصحابِهِ, وعادَ غلامًا كان يخدمُه مِنْ أَهْلِ الكتابِ, وعادَ عَمَّه وهو مشركٌ, وعَرضَ عليهما الإسلامَ, فأسلمَ اليهوديُّ ولم يُسْلِمْ عَمُّه.
6- وكانَ يدنُو مِنَ المريضِ ويجلسُ عِنْدَ رأسِه ويسأله عَنْ حالِه.
7 – ولم يكنْ مِنْ هَدْيِه أَنْ يَخُصَّ يَومًا من الأيام بعيادةِ المريضِ, ولا وقتًا من الأوقاتِ, وشَرَعَ لأمتِه عيادةَ المرضى ليلًا ونهارًا, وفي سائرِ الأوقاتِ.
أ – هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الْعِلاجِ بالأدويةِ الطَّبِيعيةِ( ):
1- قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا الحُمَّى – أو شِدَّةُ الحُمَّى – مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ؛ فَأَبرِدُوها بالماءِ» [ق].
2- وقال: «إذا حُمَّ أَحَدُكُمْ فليسنَّ( ) عَلَيْهِ المَاءَ البَارِدَ ثَلاثَ لَيالٍ مِنَ السَّحَرِ».
3- وكان إذا حُمَّ دَعَا بقِربة من ماءٍ, فأفرغَها على رأسِه فاغتسلَ.
وذُكِرَتْ الحُمّى عنده ذاتَ مرةٍ, فَسَبَّهَا رجلٌ, فقال: «لا تَسُبَّها؛ فإنَّها تَنْفِي الذُّنُوبَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الحَدِيدِ» [جه].
4- وأتاه رجلٌ فقال: إنَّ أخي يشتكِي بطنَه – وفي روايةٍ: استطلق بطنُه – فقال: «اسْقِهِ عَسَلًا» [ق]، وكان يشوْبه( ) بالماءِ على الريقِ.
5- واشتكى قومٌ اجْتَوَوُا المدينةَ من داءِ الاستسقاءِ, فقال: «لو خرجتُم إلى إِبِلِ الصدقةِ فشربتُم مِنْ أَبْوَالِهَا وألبانِهَا» ففعلُوا وصحُّوا [ق].
والجَوَى: داءٌ من أدواءِ الجوفِ, والاستسقاءُ: مرضٌ يسبِّبُ انتفاخَ البطنِ.
6- ولما جُرِحَ في أُحدٍ أَخَذَتْ فاطمةُ قطعةَ حصيرٍ فأحرقتَها حَتَّى إذا صارتْ رمادًا ألصقَتْهَ بالجرحِ, فاستمسَكَ الدَّمُ.
وبعثَ إلى أُبَيِّ بن كعبٍ طبيبًا فقطعَ له عِرْقًا وكواهُ عليه. وقال: «الشِّفَاءُ في ثَلاثٍ: شرْبَةِ عَسَلٍ, وشرْطَةِ مِحْجَمٍ وكَيَّةِ نَارٍ, وأَنْهَى أُمَّتي عَن الكَيِّ» [خ]، وقال: «ومَا أحِبُّ أَنْ أَكْتَوِي» [ق]. إشارةٌ إلى أَنْ يُؤخِّرَ الأخذ به حتى تدفعَ الضرورةُ إليهِ, لِمَا فيه من استعجالِ الألمِ الشديدِ.
7 – وَاحْتَجَمَ وأعطى الحَجَّامَ أَجْرَهُ, وقال: «خَيْرُ مَا تَداوَيْتُم بِهِ الحِجَامَة» [ق]. واحْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ في رأسِه لصداعٍ, واحتجمَ في وَرِكِه من وثءٍ( ) كان به.
وكان يحتجم ثلاثًا: واحدة على كَاهلِهِ واثنتين على الأَخْدَعَيْنِ( ).
واحتجم على الكَاهِلِ ثلاثًا لَمَّا أَكَلَ من الشَّاةِ المسمومةِ وأمرَ أصحابَه بالحجامةِ.
8 – وما شَكَى إليه أحدٌ وَجَعًا في رأسِه إِلَّا قال له: «احْتَجِمْ»، ولا شَكَى إليه وَجَعًا في رِجْلَيْه إلا قال له: «اخْتَضِبْ بالحِنَّاءِ» [د].
9 – وفي سُنن الترمذي عن سَلْمَى أُمِّ رافعٍ خادمةِ النبي قالت: (وكان لا يصيبُه قرحة ولا شوكة إلا وضع عليها الحناء) [ت].
10 – وقال: «دَوَاءُ عِرْقِ النِّسَا ألْيَةُ شَاةٍ تُشْرَبُ على الرِّيقِ في كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ» [جه].
وعِرْق النِّسا: وجعٌ يبتدئ من مِفْصَلِ الوَرِكِ، وينزل مِنْ خَلفٍ على الفَخِذِ.
11- وقال في علاج يُبْسِ الطبع واحتياجِه إلى ما يُمَشِّيه ويلينه: «عَلَيْكُمْ بالسَّنَا( ) والسَّنُّوت؛( ) فإنَّ فيهما شِفَاءً مِنْ كُلِّ داءٍ إِلَّا السَّامَ» وهو الموت [جه].
12- وقال: «خَيْرُ أَكْحَالِكم الإثْمد: يجلو البصر, وينبت الشعر» [د, جه].
والإثمد: هو الكحل الأسود.
13- وقال: «مَنْ تَصَبَّحَ بسبعِ تَمَرَاتٍ مِنْ تَمْرِ العَاليةِ لم يَضُرَّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ سُمٌّ ولا سِحْرٌ» [ق].
14- وقال: «لا تُكْرِهوا مَرْضاكُم عَلَى الطَّعَامِ والشَّرابِ, فَإِنَّ اللهَ يُطْعِمُهُم وَيَسْقِيْهِم» [ت, جه].
15- وحَمَى النَّبِيُّ صهيبًا من التَّمر, وأَنْكَرَ عَليه أَكْلَهُ وهو أرمد, وأقَرَّه على تَمَرَاتٍ يسيرة, وحَمَى عليًّا من الرُّطب لما أصابه الرَّمد.
16- وقال: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُم فامْقُلُوه؛ فإنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ داءً وفي الآخرِ شِفَاءً» [خ].
17 – وقال: «التَّلْبِيْنَةُ مَجَمَّةٌ( ) لِفُؤادِ المرِيضِ تَذْهَبُ ببعضِ الحُزْنِ» [ق].
والتلبينة حِسَاءٌ مُتَّخَذٌ مِنْ دقيقِ الشعيرِ بِنُخالتِه.
18 – وقال: «عَلَيْكُم بِهذِه الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ؛ فَإِنَّ فيها شِفَاءً مِنْ كُلِّ داءٍ إلا السَّامَ» [ق].
19 – وقال: «فِرَّ من المجذومِ كما تفرُّ من الأسدِ» [خ]، وقال: «لا يوردن ممرضٌ على مصحٍّ» [ق].
20- وكان في وفد ثقيفٍ رجلٌ مجذومٌ, فأرسل إليه النبي : «ارْجِعْ فَقَد بايعنَاكَ» [م].
ب- هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الْعِلاَجِ بِالأدْوِيَةِ الإلهِيَّةِ( ):
1- كانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الجانِّ, ومِنْ عَيْنِ الإنسانِ, وأَمَرَ بالرقيةِ مِنَ العينِ, وقال: «العَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيءٌ سَابق القَدَر لَسَبَقَتْهُ العينُ, وإذا اسْتُغْسِل أَحَدُكُمْ فَلْيَغْتَسِلْ» [م].
2- ورأى جاريةً في وجهها سفعة فقال: «استرقوا لها؛ فإنَّ بها النظرةَ» [ق].
والسَّفْعةُ؛ أي: النظرة من الجنِّ.
3- وقال لبعض أصحابِه لما رَقَى اللديغَ بالفاتحةِ فبرأ: «وما يُدريك أنها رُقْيَة» [ق].
4- وجاءه رجلٌ فقال: لدغتني عقربٌ البارحةَ, فقال: «أما لو قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, لَمْ تَضُرَّك» [م].
جـ - هديه صلى الله عليه وسلم في العلاج الميسر النافع المركّب( ):
وكان إذا اشتكىَ الإنسانُ أو كانت به قُرْحَةٌ أو جُرْحٌ, وضَعَ سبَّابَتَهُ على الأرضِ, ثم رفعها وقال: «بِسْمِ اللهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا, بِريقةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا, بإِذْنِ رَبِّنَا» [ق].
6- وشكى له بعض صحابته وجعًا, فقال له: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ, وقُلْ: سبع مرات: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وأُحَاذِرُ» [م].
وكان يُعوِّذُ بعضَ أهلِه يمسحُ بيدِه اليُمنى ويقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ, واشْفِ أَنْتَ الشَّافِي, لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ, شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا» [ق].
وكان إذا دخل على المريض يقول: «لَا بأسَ طهورٌ إنْ شَاءَ اللهُ» [خ].