النهي عن القسوة وتحميل الحيوان ما لا يطيق:
القسوة نقيض الرحمة، وقد تعرّفنا على طرف من الهدي النبوي في الرحمة بالحيوان، فكيف نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القسوة على الحيوان ن أو تجويعه وضعفه وهزاله ؟؟ عن عبدالله بن جعفر رضي الله عنه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرّ إلىّ حديثا لا أحدّث به أحدا من الناس، وكان أحبّ ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم– لحاجته: هدف أو حائش النخل، فدخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا جمَل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي ص فمسح سراته إلى سنامه وذفراه، فسكن، فقال: ( من ربّ هذا الجمل؟)، فجاء فتى من الأنصار، فقـــال: لي يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملّكك الله إياها؟! فإنه شكا إلىّ أنك تجيعه وتدئبه) رواه أبو داود وأحمد. تدئبه: أي تتعبه وترهقه... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تبارك وتعالى رفيق يحبّ الرفق، ويرضى به، ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العُجم – أي التي لا تتكلم - فأنزلوها منازلها – أي أريحوها في المواضع التي اعتدتم الاستراحة فيها أثناء السفر ) رواه مالك...
كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتمهّل في المسير بالدواب في حالة الخصب، حتى تأخذ حقها من الطعان والشراب، ولكمه نهى عن ذلك في حالة الجدب، بل أمر الصحابة بالإسراع في المسير إنقاذا لهذه الحيوانات من البقاء في أرض لا يُرجى لها فيها طعــام أو شــــراب، فقال صلى الله عليه وسلم: ( إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا السير...) رواه أبو داود.