عبر التاريخ , دفن الكثير من الناس أحياء في قبورهم , وقد ذكر المؤرخون قصصا عديدة عن هذه الحوادث المخيفة .. قصص أرتعب الناس لذكرها لدرجة أن البعض أوصى بأن لا تدفن جثته إلا بعد مرور عدة أيام على وفاته , وذلك لكي يضمن بأنه لن يصحو فجأة ليجد نفسه في ظلمات القبر. فيما أوصى آخرون , في أيامنا هذه , بأن يوضع هاتفهم النقال معهم في القبر , وذلك لكي يتصلوا طلبا للمساعدة فيما لو صحوا فجأة واكتشفوا بأنهم مدفونون "بالحيا" ..
ربما يتعجب البعض من هذا الموضوع .. فكيف للإنسان أن يدفن حيا ؟! ..
لكن لا غرابة في ذلك عزيزي القارئ , فالأخطاء الطبية تحدث حتى في أكثر البلدان تقدما , وهناك حالات مرضية في غاية الغرابة يتوقف فيها قلب الإنسان مؤقتا , أو تنخفض نبضاته إلى درجة يصعب تحسسها , فيخيل للطبيب , ولأهل المريض , بأنه قد فارق الحياة , فيسارعون إلى دفنه , خصوصا في البلدان الحارة , ليستيقظ المسكين بعد ذلك ويجد نفسه وسط أتعس وأسوء كابوس يمكن للإنسان أن يتخيله.
حدث مثل هذا للفنان الراحل صلاح قابيل .. دفنه أهله بعد أن توقف قلبه ظاهريا بسبب نوبة قلبية .. لكنه قلبه عاد للعمل مرة أخرى بعد أن تركوه وحيدا في قبره , فتح المسكين عينه ليجد نفسه ممددا في غياهب القبر وصرخ طلبا للمساعدة .. لكن لا مجيب .. فراح ينبش التراب والحجر بأظافره العارية حتى تمكن من فتح ثغرة تمكنه من الخروج .. لكنه وبسبب الرعب والتعب الذي نال منه .. سقط صريعا مرة أخرى ما أن خرج من القبر , ووجدوه في الصباح جثة هامدة بالقرب من قبره.
هذه أمور تحدث .. فالأطباء قد يخطئون في التشخيص ، والطفل البرازيلي كيلفن سانتوس هو خير مثال على مثل هذه الأخطاء .. فهذا الطفل الجميل ذو العامان كان ممدا داخل تابوته الصغير أثناء جنازته في إحدى الكنائس عام 2012 , كان الجميع يشعرون بالحزن والأسى لفقدانه عندما أستيقظ فجأة وسط ذهول جميع الحاضرين ونادى أباه قائلا : "أبي أنا عطشان" .. ثم ما لبث أن أغمض عيناه مرة أخرى .. هذه المرة ميتا بحق!! ..
ولك أن تتخيل عزيزي القارئ حجم الرعب الذي سببته هذه الحادثة .. فبعض الحاضرين أغمى عليه , فيما فر الآخرون لا يلوون على شيء من شدة الخوف .. أما أهل الطفل المسكين فقد كانوا الأكثر تأثرا بما جرى , إذ شعروا بمرارة كبيرة وألم فظيع جراء الخطأ الذي وقع فيه أطباء المستشفى الذي كان يعالج طفلهم المصاب بذات الرئة , وقد تقدم الأب لاحقا بشكوى لمقاضاة المستشفى بتهمة الإهمال.
|
مومياءات مقبرة غواناخواتو .. الأغرب في العالم .. |
ولعل أفضل دليل على شيوع ظاهرة دفن الأحياء هو ذلك المتجسد بوضوح على وجوه مجموعة من الموميائات المكسيكية التي تعرف بأسم موميائات غواناخواتو (Mummies of Guanajuato ) , والتي تعود لمجموعة من الرجال والنساء والأطفال الذين قضوا خلال وباء الكوليرا الذي ضرب مدينة غواناخواتو عام 1833 , والذين نبشت قبورهم بين عامي 1865 – 1958 بسبب توقف عائلاتهم وأقاربهم عن دفع الرسوم المترتبة على استمرار دفنهم في المقبرة , فهؤلاء الأهل والأقارب أنفسهم فارقوا الحياة بمرور الزمن , وحين لم يعد هناك من يسأل على هؤلاء الموتى القدماء قامت السلطات بنبش قبورهم من اجل إفساح المجال للموتى الجدد , وخلال عملية النبش أكتشف العمال بأن العديد من الضحايا الذين ماتوا خلال الوباء قد تحولت أجسادهم إلى موميائات , فتم نقل هذه الموميائات إلى أحد المتاحف القريبة حيث توجد اليوم 108 مومياء معروضة للزوار والسياح.
أكثر ما يميز موميائات غواناخواتو عن غيرها من الموميائات هي تلك الملامح والتعابير المخيفة المرتسمة على وجوهها , والتي يتفق معظم الباحثين والخبراء بكونها دليل على دفن أكثر هؤلاء الموتى وهم أحياء . فخلال الوباء , ومن اجل السيطرة على انتشار المرض والحد من العدوى , كانت الكثير من المصابين يدفنون على وجه السرعة من دون التأكد من موتهم الفعلي , وهكذا فأن الكثير من هؤلاء المساكين كانوا يستيقظون لاحقا ليكتشفوا بأنهم دفنوا أحياء , والنظرة الباقية على وجوههم المتآكلة اليوم هي خير دليل على الرعب الذي كابدوه وهم يصرخون بلا جدوى طلبا للمساعدة من داخل قبورهم المظلمة.